¤ نص الإستشارة:
والدي علاقته بنا قائمة على الظلم، والدتي لم تسلم من شره وهو عاق لوالديه، تمضي السنة وأكثر لم نر جدتنا، كل الجيران غير راضين عن سلوكياته البغيضة..بنى بناءً طويلاً ليطل على غُرف نوم جاره..الكل يتجنبه خوفا من شره...نأمل النصح والتوجيه؟
*الـــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمن المقبول أن يسعى المرء لجمع الحسنات وكل ما يقربه إلى المولى سبحانه، لكن أن يسعى بل ويتفنن في جمع السيئات، فهذا ما يدعو للدهشة حقاً، ولعل جمع السيئات كنتاج لذنوب وتقصير بين العبد وربه، أن تكون أخف وطأة مما لو كانت بين العبد والخلق، إذ الأولى مبناها على العفو والمغفرة فهي بحق العفو القدير سبحانه، لكن الثانية مبناها على المشاحة، فمن يأمن أن يعفو عنا من إرتكبنا بحقهم الذنوب والمعاصي؟
لكم آلمتني رسالتك حقاً، ولكم أشفقت على هذا الرجل من الطريق الذي يسير فيه دون أن يقف مع نفسه وقفة يراجع نفسه أو أفعاله، وما عليه من واجبات وماله من حقوق.
لكن إستوقفني كثيراً قولك بل لم يجد منا من يقول له أنت على خطأ مهما كان تصرفه معنا!
لماذا؟ إن التقاعس عن تغيير المنكر وفق الضوابط الشرعية، وبحسب الحال والزمان والمكان والأشخاص لا يقل خطورة، بل لعله أشد، من إرتكاب المنكر نفسه، فلو أن كل من يرتكب خطأ وجد من ينصحه أو يرده أو يدفعه، تُرى أَكان يصل بنا الحال إلى ما نحن عليه اليوم، وما يحدث في أسرتك ما هو إلا نموذج فقط؟
أوَ ليس هذا تطبيقاً لهدي الحبيب صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» أوَ ليس الوالدان أولى، أوَ ليس هذا من البر بهما؟ أوَ ليس هذا ما فعله إبراهيم عليه السلام يا أبتِ... ثم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً!
سامحيني إن قسوت عليكم، وقلت إنكم شركاء لأبيكم في هذا المسلسل المؤلم والمستمر ليومنا هذا.
بداية أتمنى من والدتك التوقف عن الدعاء عليه، رغم ما يكتنفها من ألم وإحساس بالظلم والغبن، لا لأنه لا يستحق أو أنها تأثم بذلك، ولكن رجاء صلاحه في الدعاء له لا عليه، والوقوف بجانبها للتقدم بشكوى إلى القاضي بالهجر وعدم الإنفاق عليها وعليكم، وهذا من السعي لرفع ما وقع عليكم من ظلم.
الإستعانة بأحد الدعاة، أو ممن يُشهد لهم بالتقوى والصلاح ليحدثه وجهاً لوجه، ويحذره من مغبة أفعاله وتقصيره، وليتحمل ما يصدر عنه من قسوة وغلظة قدر ما يستطيع أملاً أن ينصت وتصل الرسالة إليه.
السعي لهذا الجار الذي آذاه والدك ببنائه ليشتكي عند الجهات المختصة فلا بد من الأخذ على يد الظالم، وما وقع فيه والدك ظلم وتعدٍّ على حق الجار، ومن قبل على والدتكم وعليكم، ولعل في هذا ما يدفع عنكم تتبع عوراتكم أنتم جراء ما يفعله، إذ لابد من تغيير مفهوم الصبر على الأذى لدينا، فهذا لا يعني التوقف عن رفع هذا الأذى بكل الوسائل المتاحة والممكنة.
ليس في زواجه بأخرى ما يؤذي والدتك، بل الخشية على من سيتزوجها، فعليكم بتتبع هذا الأمر لتحذيرها من سوء أخلاقه ومعاملاته.
لا تخشي من دعائه عليكم، فيُستجاب للمرء ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
بر الوالدين لا يتوقف للظلم الواقع من أحدهما، فليستمر التواصل معه، ولكن لابد من تذكيره في كل مرة بتقصيره وسوء حاله وتخويفه بسوء الخاتمة إن بقي على هذا الحال، ولا عليكم مما تلقوه من غلظة وقسوة فهي في ميزان حسناتكم.
تكثيف الدعاء له، فمثل هذا حاله يدعو للرثاء والشفقة.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.